الامام علي يكشف عن اصناف المسيئين
من خطبة لامير المؤمنين علي (عليه السلام) [أصناف المسيئين]:
فَالنَّاسُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَاف: مِنْهُمْ مَنْ لاَ يَمْنَعُهُ الفَسَادَ في الاْرْضِ إِلاَّ مَهَانَةُ نَفْسِهِ، وَكَلاَلَةُ حَدِّهِ(1)، وَنَضِيضُ وَفْرِهِ(2). وَمِنْهُمُ المُصْلِتُ لِسَيْفِهِ، وَالمُعْلِنُ بِشَرِّهِ، وَالُمجْلِبُ بِخَيْلِهِ(3) وَرَجِلِهِ(4)، قَدْ أَشْرَطَ نَفْسَهُ(5)، وَأَوْبَقَ دِينَهُ(6) لِحُطَام(7) يَنْتَهِزُهُ(8)، أَوْ مِقْنَب(9) يَقُودُهُ، أَوْ مِنْبَر يَفْرَعُهُ(10). وَلَبِئْسَ المَتْجَرُ أَنْ تَرَى الدُّنْيَا لِنَفْسِكَ ثَمَناً، وَمِمَّا لَكَ عِنْدَ اللهِ عِوَضاً! وَمِنْهُمْ مَنْ يَطلُبُ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الاْخِرَةِ، وَلاَ يَطْلُبُ الاْخِرَةَ بِعَمَلِ الدُّنْيَا، قَدْ طَامَنَ(11) مِنْ شَخْصِهِ، وَقَارَبَ مِنْ خَطْوِهِ، وَشَمَّرَ مِنْ ثَوْبِهِ، وَزَخْرَفَ مِنْ نَفْسِهِ لِلاْمَانَةِ، وَاتَّخَذَ سِتْرَ اللهِ ذَرِيعَةً(12) إِلَى المَعْصِيَةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ أقْعَدَهُ عَنْ طَلَبِ المُلْكِ ضُؤولَةُ نَفْسِهِ(13)، وَانقِطاعُ سَبَبِهِ، فَقَصَرَتْهُ الحالُ عَلَى حَالِهِ، فَتَحَلَّى بِاسْمِ القَنَاعَةِ، وَتَزَيَّنَ بِلِبَاسِ أَهْلِ الزَّهَادَةِ، وَلَيْسَ مِنْ ذلِكَ في مَرَاح(14) وَلاَ مَغْدىً(15).
معاني المفردات:
- كَلالَةَ حَدّهِ: ضعف سلاحه عن القطع في أعدائه، يُقال: كَلّ السيف كَلالَةً أذا لم يقطع، والمُراد إعوازه من السلاح.
-
نَضيضُ وَفْرِهِ: قلّة ماله، فالنضيض: القليل، والوفر: المال.
-
المُجْلِبُ بخَيْلِهِ: مِنْ «أجْلَبَ القوْمُ» أي جلبوا وتجمعوا من كل أوب للحرب.
-
الرَّجِل: جمع راجل.
-
أشرط نفسه: هيأها وأعدها للشر والفساد في الارض.
-
أوْبَقَ دِينَه: أهلكه.
-
الحطام: المال، وأصله ما تكسرَ من اليبس.
-
ينتهزه: يغتنمه أويختلسه.
-
المِقْنَب: طائفة من الخيل ما بين الثلاثين إلى الاربعين.
-
فَرَعَ المنبر ـ بالفاء ـ: علاه.
-
طَامَنَ: خَفَضَ.
-
الذريعة: الوسيلة.
-
ضؤولة النفس ـ بالضم ـ: حقارتها.
-
مَرَاح ـ مصدر ميمي من راح ـ: إذا ذهب في العشي.
-
مَغْدَى ـ مصدر ميمي من غدا ـ: إذا ذهب في الصباح.
المصدر: نهج البلاغة ص 71
